
التضخم وأسعار الأسهم - الجزء الثاني
التضخم وأسعار الأسهم - الجزء الثاني.
من المفترض أن يكون للتقارير الشهرية عن معدل التضخم أثرها على أسعار الأسهم فالمعلومات عن ارتفاع غير متوقع في معدل التضخم مثلاً من شأنها أن تترك أثراً عكسياً على أسعار الأسهم، وذلك لسببين أحدهما مباشر والآخر غير مباشر. أما السبب المباشر فيتمثل في أن التقارير عن ارتفاع معدل التضخم قد تحمل في طياتها توقع المزيد من الزيادة في ذلك المعدل، وهو ما يعني ارتفاع في معدل العائد المطلوب للاستثمار بالأسهم وبالتالي انخفاض القيمة السوقية لها .
أما السبب غير المباشر فمرجعه إلى النظام الضريبي الذي تتم في ظله المحاسبة على أساس التكلفة التاريخية للأصول بدلاً من تكلفة إحلالها، ففي فترات التضخم يتوقع أن يسفر ذلك عن انخفاض في القيمة الحقيقية لأرباح المنشأة، وانخفاض القيمة السوقية لأسهمها تبعاً لذلك.
وذلك لأن قيمة قسط الإهلاك ستكون أقل مما ينبغي أن تكون عليه، مما يزيد من حجم الوعاء الضريبي ويؤدي إلى تحصيل ضرائب على أرباح صورية، مما يعني انتقال للثروة من الملاك إلى مصلحة الضرائب دون وجه حق. وما ينطبق على الأصول الثابتة ينطبق كذلك على المخزون في ظل إتباع سياسة الوارد أولاً صادر أولاً.
كما يصحب التضخم عادةً زيادة في طلب المنشآت لمزيد من الموارد (المالية) فإن هذا قد يكون من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدل الفوائد وانخفاض القيمة السوقية للأسهم تبعاً لذلك.
ولكن يجب الانتباه إلى أن العلاقة بين التضخم وعوائد الأسهم قد تكون سالبة أو موجبة ويعتمد ذلك على الهيكل المالي للشركة، ويقصد بالهيكل المالي الطريقة التي تمول بها الشركة نشاطاتها فقد تكون الشركة معتمدة اعتماداً كاملاً على الاقتراض أو قد تكون معتمدة على رأس المال أو على كليهما (رأس المال والاقتراض).
ففي الشركات التي تمول جزء كبير من نشاطاتها بالاقتراض، وبافتراض أن تلك الشركات كانت تقترض الأموال بكلفة ثابتة (سعر فائدة ثابت) فيمكن أن نطلق على هذه الشركة أنها مدينة، ونظراً لأن ارتفاع التضخم يؤدي إلى زيادة ثروة المدين على حساب الدائن فإن تلك الشركات (المدينة) سوف تزداد ثروتها، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أرباحها وبالتالي زيادة الطلب على أسمهما ومن ثم ارتفاع عوائد أسهمها.
أما إذا كانت الشركة دائنة، كالبنوك المدرجة في السوق المالية ومع افتراض أنها تقرض بكلفة ثابتة فإن ارتفاع معدل التضخم سوف يؤدي إلى نقصان ثروة تلك الشركات وبالتالي انخفاض عوائد أسهمها.
حيث نلاحظ أن اتجاه العلاقة بين التضخم وعوائد الأسهم في السوق المالية يعتمد فيما إذا كانت معلومة التضخم تمثل أخباراً جيدة (good news) للمدين وأخبار سيئة (bad news) للدائن ونظراً لأن الشركة قد تكون مدينة أو دائنة فإن اتجاه العلاقة بين التضخم وعوائد الأسهم هو غير مستقر.
ويرى اقتصاديون أن التضخم يؤثر على أسعار الفائدة وتختلف درجة تأثيره باختلاف الأمد الزمني لأسعار الفائدة فيما إذا كانت قصيرة الأجل أو طويلة الأجل، فلو كانت التوقعات تشير إلى أن التضخم سوف يزداد في المستقبل فإن هذا سيدفع حملة السندات وأصحاب الودائع (الدائنون) إلى تصفية مراكزهم وشراء الأسهم، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أسعار تلك الأسهم.
كذلك فإن التضخم يؤثر على قيمة الموجودات الثابتة فإذا كانت التوقعات تشير إلى ارتفاع معدلات التضخم فإن أسعار العقارات والأراضي والموجودات الثابتة سوف ترتفع، ويختلف تأثير ذلك على العوائد باختلاف حجم الشركة فإذا كانت الشركة كبيرة أو أن نسبة الموجودات الثابتة فيها مرتفعة، فإن أسعار أسهم هذه الشركات سوف تزداد أكثر من الشركات الأخرى التي تكون فيها نسبة الموجودات الثابتة إلى مجموع الموجودات منخفضة، كذلك فإن ارتفاع التضخم أو التوقع بارتفاعه قد يدفع السلطة النقدية إلى التدخل وبالتالي التأثير على كافة المتغيرات الاقتصادية، الأمر الذي سيؤثر على عوائد الشركات.
ولا ننسى أن الحكومة قد تتدخل من خلال سياسات التسعير الأمر الذي يؤثر على عوائد الشركات .
يتبع ...