عضو أساسي
تاريخ التسجيل: May 2013
الدولة: سوريا
المشاركات: 2,757
شكراً: 20,745
تم شكره 20,602 مرة في 2,748 مشاركة

رد: صالون سيرياستوكس للعطلات ( 31-7 -2013) &(1&2&3&4 ) 8 - 2013
تزفيت الوطن والمواطن!
أذيع البلاغ رقم واحد الذي زّف إلى المواطنين العرب البشرى بوقوع أول انقلاب عسكري، سيحرر الأرض من الاحتلال والاستغلال، وينقل الجنة من السماء إلى الأرض، ويهب قصورها مجاناً للمواطنين قاطبة،فبادرت المرأة الغريبة الأطوار والمسماة بالحرية إلى الخروج من بيتها في الوطن العربي، ولم تعد إليه،واختفت كأنها لم تكن يوماً موجودة، فتساءل عنها الناس بقلق، وظنوا أن سيارة مسرعة أو دبابة قد دهستها، ولكنهم لم يجدوا اسمها في سجل أي مستشفى أو مخفر شرطة، وتذكروا أنها كانت تدعي امتلاك قدرات ستتيح لهم أن يتكلموا متى شاؤوا معبرين عن كل آرائهم من دون خشية من أحد، وأن يختاروا نوابهم في البرلمانات وحكامهم ودساتيرهم وقوانينهم ونوع الحياة القادر على إسعادهم.
وقد رجح الناس أن اختفاءها غير المسوغ ربما كان سببه أنها قد فقدت ذاكرتها فجأة، ولم تعد تتذكر أنها تملك بيتاً في الوطن العربي أو أنها آثرت الهجرة إلى بلاد قصية وطابت لها الإقامة بها إلى حد أنها نسيت وطنها الأصلي أو أنها اعتقلت لكونها لا تملك بطاقة هوية، ولكن كل السجناء المطلق سراحهم نفوا بثقة أنها مسجونة، ولما تعاقبت الأحداث التي برهنت للناس أن حاكمهم هو الحر الأوحد، ولم يخلقوا إلا خدمته وإطاعته و تمجيده، تأكدوا من أن الحرية قد قتلت ودفنت في مكان مجهول، ولكنهم لم يقنطوا، وظلوا يطمحون إلى الاهتداء يوماً إلى قبرها حتى يزوروه طالبين منها أن تقهر موتها وتعود إليهم، ولو عادت إليهم لما عرفتهم، فالذين كانوا يؤمنون بأنهم قادرون على تغيير العالم لم يعودوا قادرين على تغيير جواربهم ، والذين كانوا يحلمون بهدم كل السجون بنوا السجون في أفواههم ورؤوسهم، والذين كانوا يحملون المعاول والرفوش لحفر القبور لكل الأوثان تحولوا عبيداً لها، والذين كانوا يضحكون بغير سبب باتوا لا يضحكون إلا في الأعياد الرسمية، والذين كانوا رعوداً منذرة بأشرس العواصف أصبحوا أحذية مهترئة، والذين كانوا جياداً غير مروضة صاروا دجاجاً يقوقىء ويبيض، ولكن الحرية لن تستغرب ما جرى لهم، فما إن تختفي الحرية من حياة الناس حتى يسود الانهيار.
------
زكريا تامر
__________________
أبو عمر