عضو أساسي
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: سورية ـ دمشق
المشاركات: 9,022
شكراً: 9,055
تم شكره 7,672 مرة في 2,619 مشاركة

رد: تاريخ الذهب ... واتجاهاته المستقبلية ..
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، أو عند نهايتها، بدأ نظام العلاقات الاقتصادية الدولية يتحطم، حيث انهار النظام التجاري والنقدي المبني على سيطرة بريطانيا، إذ أن الحرب تسببت في انهيار اقتصاديات بعض الدول وارتفاع أخرى، حيث شهدت الولايات المتحدة الأميركية التي لم تدخل الحرب إلا في عام 1917، نموا كبيرا في إنتاجها وصادراتها بدرجة كبيرة وكذلك الحال بالنسبة لليابان التي كثفت وضاعفت جهودها الإنتاجية ووجهت مطامعها نحو جنوب شرق آسيا ومن ناحية أخرى، كانت الدول المتحاربة الأوروبية قد وصلت بدرجات متفاوتة حافة الخراب المالي مثل فرنسا التي دارت فيها المعارك على الأقاليم الأكثر تصنيعا وكانت قد استخدمت رأسمالها بطريقة مكثفة، دون أن تتمكن من تجديده، الأمر الذي أدى إلى انخفاض صادراتها من المواد المصنعة.
ومع اشتداد حالة الحرب اضطرت الدول المتحاربة إلى تعليق العمل بالقاعدة الذهبية، لأن الحرب لكبر حجمها قد استهلكت أموالا طائلة، فاقت موارد أية دولة من الدول المتحاربة، حتى إن الموارد التقليدية لم تكن تكفي إلا لسد جزء يسير منها، وأصبح لابد من اللجوء إلى البنوك المركزية من أجل إصدار نقود إضافية، ولكن المصارف المركزية في ظل القاعدة الذهبية لا تستطيع أن تصدر كمية إضافية، لأنها مقيدة بعملية التبديل، أي ضمانة تبديل الذهب بالأوراق المصرفية، فكان من جراء ذلك أن عمدت الحكومات المتحاربة إلى إعفاء مصارفها المركزية من عملية التبديل هذه، وأقرت التداول الإلزامي للأوراق المصرفية، أي علقت نظام القاعدة الذهبية.
وعلى إثر ذلك استطاعت المصارف المركزية إصدار كميات هائلة من الأوراق النقدية، دون أن يرتبط بنظام القاعدة الذهبية، وعندئذ تراكمت ديون الحكومات من المصارف المركزية، حيث بلغت ديون فرنسا للمصرف المركزي ما يزيد على 21 مليارا فرنك، وارتفعت كمية النقد في التداول من 7 إلى 17 مليار فرنك، وفي ألمانيا بلغ التضخم النقدي درجة تسببت في القضاء على الوحدة النقدية، ولكن على الرغم من خروج ألمانيا من الحرب مهزومة، وقد تراكمت عليها مليارات الماركات، لم تكن أيضا الدول المنتصرة بمنأى عن الأزمات الاقتصادية الحادة.
ولعلاج هذه المشكلة اجتمعت الدول الرئيسة في جنوة سنة 1922، واتفقت على العودة إلى نظام القاعدة الذهبية. لكنهم اصطدموا بمشكلة جديدة واجهتهم، وهي أن القسم الأكبر من أرصدة العالم الذهبية، وبخاصة من أرصدة الدول المتحاربة الأوروبية، قد تم تحويله إلى الولايات المتحدة الأميركية لتغطية الاستيراد، والعودة إلى نظام القاعدة الذهبية، تقتضي وجود قاعدة ذهبية واسعة.
فتم الاقتراح على أن يتم السماح بتوفير الذهب، والاحتفاظ بمزايا النظام المذكور، مع الاحتفاظ بنظام السبائك، ويتمثل في احتفاظ البنك المركزي بأرصدته الذهبية، ولكن على شكل سبائك من وزن معين، حيث كان الحد الأدنى للسبيكة في فرنسا 12 كيلوغرام وسعرها 215000 فرنك، وبما أن نظام السبائك هذا يصعب استعماله على الأفراد عند الاستبدال لأنهم منعوا الاستبدال إلا لمن ملك السبيكة المعنية، وهذا ليس في متناول الأفراد، وبذلك أصبح نظام القاعدة الذهبية مقيدا، إلا أن هذه القاعدة الذهبية المقيدة لم تستمر طويلا، لأنها اصطدمت باندلاع الأزمة العالمية الكبرى سنة 1929، حيث انهارت أسعار الأسهم، وأسرع المستثمرين في التخلص منها، فحدث إقبال شديد على الأوراق النقدية، وبيع الذهب، فعلقت دول العالم أجمع عملية تبديل الذهب لنقودها الورقية، وبذلك انتهى نظام القاعدة الذهبية في بريطانيا أولا سنة 1931، ثم في الولايات المتحدة الأميركية سنة 1933، وأخيرا في فرنسا سنة 1936.
وفي الوقت نفسه قامت الدول الكبرى باتخاذ إجراءات وقائية، فأصدرت في 13/7/1931 قرارا بمنع إخراج الماركات خارج حدودها، وصادرت جميع العملات الأجنبية والذهب الموجود لدى مواطنيها، ثم رفضت تبديل الماركات بالذهب، وأصبحت الحكومة هي التي تحدد سعر صرف العملات، عوضا عن المصرف الألماني المركزي.
وبتاريخ 30/9/1931 قررت الحكومة البريطانية وقف تبديـل الإسـتـرليـنـي بالذهـب، وتقـويـم سـعـر صرفه تجاه بقية العملات في الأسواق المالية، وعليه قامت جميع المستعمرات البريطانيـة باتـخـاذ نفس الإجـراءات.
وفي عام 1932 قررت اليابان تعويم صرف الين، وفرضت مبدأ مراقبة الصرف ثم جمدت تبديل الين بالذهب، وفي سنة 1934 ألغت الولايات المتحدة تبديل الدولار بالذهب، وسحبت جميع القطع الذهبية من التداول، وخفضت قيمة الدولار بنسبة 41%.
وفي 1935 تخلت بلجيكا ولوكسمبورغ عن تبديــل عملتـها بالذهـب، وفي 1936 أعلنت فرنسا، وهولندا، وإيطاليا، وسويسرا، عن وقف تبديل عملاتها بالذهب.
الفترة 1939- 1944 تدمرت اقتصاديات دول أوروبا الغربية، والاتحاد السوفييتي واليابان، نتيجة الحرب العالمية الثانية، وتدفقت كميات هائلة من الاحتياطيات الذهبية نحو الولايات المتحدة تسديدا لثمن مشتريات عسكرية، أو هربا من جحيم الحرب، حيث أصبحت الولايات المتحدة تمتلك ثلثي الاحتياطي العالمي من الذهب، إلا أن الدولار لم يكن عملة دولية، لأن واشنطن لم تكن تمتلك مستعمرات تفرض عليها استعمال نقدها، وتكوين كتلة نقدية للدولار مثلما حصل بالنسبة للإسترليني.
__________________
نلتقي لنرتقي
التعديل الأخير تم بواسطة saeed ; 19-10-2011 الساعة 11:10 AM