عرض مشاركة واحدة
قديم 14-01-2012, 04:01 PM
  #8
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: دعم الليرة السورية واجب ومطلب وطني بإمتياز

روى وزير الاقتصاد السوري الأسبق محمد العمادي ما حدث في الثمانينات من أزمة خانقة على سوريا وصلت إلى لقمة عيش المواطن السوري ، دفعت الحكومة لخلط القمح و الشعير .

و كشف العمادي ، الذي يعد من أكفأ الاقتصاديين في سوريا ، و الذي كان رئيسا لصندوق النقد العربي للانماء الاقتصادي و الاجتماعي أن اتصالا ورده من الرئيس الراحل حافظ الأسد في الثامن من نيسان عام 1985 طلب منه العودة إلى سوريا .

و قال العمادي أنه عندما أدى اليمين أمام الأسد الأب ، بعد تكليفه مجددا بمنصب وزير الاقتصاد قال له الرئيس الراحل " نحن في ضائقة علينا أن نعتمد على أنفسنا وأصدقائنا للخروج منها، ولا بد من زيادة رواتب العاملين في الدولة شريطة أن تموّل الزيادة من مصادر لا تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة. نحن الآن نعمل على تطوير مواردنا من النفط والغاز، وخلال سنوات يمكننا الاعتماد على أنفسنا وتأمين حاجاتنا، يجب أن نستفيد من الصناديق العربية في تمويل المزيد من مشاريعنا ".

و يروي الوزير السابق عن أزمة الثمانينات بالقول " كان الوضع الاقتصادي في غاية الصعوبة، فبصرف النظر عن العقوبات التي كانت تفرضها بعض الدول، كان الاقتصاد يعاني صعوبة وديون ثقيلة، لدرجة أننا سددنا بعض ديوننا بالفوسفات وبالغنم وبالخضار والفواكه ".

و يتابع " في تموز 1985 على سبيل المثال نشرت اليونايتد بوس في تقرير خاص لها من واشنطن أن الاقتصاد السوري في حالة خطرة تهدد الاستقرار السياسي. كما كانت هناك مقالات مختلفة تصف ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي، وفقدان المواد الأولية لتشغيل المعامل والحرفيين وندرة السلع الاستهلاكية في الأسواق وطوابير المنتظرين للحصول على دورهم في شراء مقومات الحياة الغذائية مع تزايد التهريب وانخفاض أسعار العملة، وتعدّد أسعار القطع واتساع اقتصاد الظل وارتفاع معدّلات التضخم ".

و يقول أن " الرئيس الأسد ذكر ذلك بكل صراحة سيادة الرئيس في كلمته التوجيهية في مجلس الشعب في 27/2/1986، حين قال ( إننا نعاني بعض الصعوبات الاقتصادية نلمسها جميعاً ولا بد أن نعرف أن لها أسباباً موضوعية تتركز في عدم التوازن بين الموارد والنفقات، وبين الحاجات والإنتاج، وانعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على بلدان العالم الثالث ونحن منه ) ".

ولكن ، يستطرد الاقتصادي السوري ، " لهذه المصاعب أسبابها الذاتية المتعلقة بنا، وفي طليعتها عدم التقيد بالتخطيط الشامل، وضعف المتابعة، وتضاؤل الشعور بالمسؤولية، وعلى ذلك عدم توظيف مجمل الإمكانات المتوفرة في البلاد بصورة صحيحة ".

أزمة الخبز .. لا يوجد مخزون سوى لعدة أيام

و قال الوزير الأسبق أن " الازمة وصلت إلى لقمة الخز في اواخر عام 1987 ، لافتا إلى أن اتصالا ورده في منتصف الليل من وزير التموين يقول له إن المخزون من الطحين و القمح غير كاف إلا لعدة أيام ، و انه تداول مع رئيس مجلس الوزراء فأحاله إلي ".

و تابع " كان حظي كبيراً أن عملي في الصندوق العربي مكّنني من توثيق علاقاتي مع كثير من المصارف والمؤسسات التي تتعامل مع الصندوق العربي، إضافة إلى أحد الإخوة الذي كان يساعدنا منذ البداية في تأمين كميات من الأقماح ".

لم تأخذ الاتصالات وقتاً طويلاً ، يقول العمادي ، حتى وفّقنا الله سبحانه وتعالى إلى تحويل باخرة محمّلة بالأقماح، متجهة إلى أحد بلدان البحر الأبيض المتوسط، إلى الموانئ السورية. وكان هذا المواطن الذي ساعدنا يؤكد طيبة شعبنا وأصالته ، طبعاً أتفهم أن يعمل الإنسان من أجل تحقيق مصالحه، إلا أنه إذا كان يخدم بلده في الوقت نفسه .

و تابع روايته بالقول " في اليوم التالي عقد اجتماع لدى رئيس اللجنة الاقتصادية مع المسؤولين عن الأقماح والطحين في وزارة التموين. فاقترحت أن نخلط القمح بنسبة عشرين بالمئة شعيراً، وكانت لدينا كميات لا بأس بها من الشعير. فتم الاعتراض على ذلك، وكنت أتفهم أسباب الاعتراض. إلا أنني قلت يومئذ للحاضرين أنا أكبركم سناً، وأذكر أن خبز (الوثيقة) الذي كنا نأكله أيام الحرب العالمية الثانية كان بني اللون، لأنه كان يخلط لا بالشعير فقط وإنما بكل الحبوب الأخرى المتوفرة آنذاك، وكنا نأكله ونشكر الله عليه".

" أجابني المدير العام المسؤول عن الموضوع أنه لا يتحمل مسؤولية اتخاذ مثل هذا القرار، فقلت له أنا أتحمل هذه المسؤولية، إذ إن الحل الوحيد القاتل هو ألاّ نوفر الخبز للناس، لأن الباخرة لن تصل إلا بعد أيام، ولا يمكن أن نبقي الناس دون خبز ، و اُتخذ القرار وتم تنفيذه " ، يقول العمادي .

و ذكر العمادي أن بعض من سفاراتنا بالخارج كانت مهددة بقطع الكهرباء و الهاتف أو حتى اخراجها من المقر المستأجر بسبب قلة التمويل من قبل الحكومة السورية .
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
2 أعضاء قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
لقماان (15-01-2012), Salam L (14-01-2012)