عرض مشاركة واحدة
قديم 27-01-2012, 10:19 PM
  #10
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

* تطور سعر الصرف بين المصرف المركزي وبين القطاع الخاص

لقد سبقت الإشارة إلى أن توزع العملات الصعبة على المستفيدين منها, يتم في لبنان, منذ أواخر الأربعينات, في إطار العمليات التي تجريها المصارف في ما بينها, وإن سعر الدولار, أو سعر الصرف الإسمي لليرة اللبنانية, يتحدّد في إطار هذه العمليات ذاتها, وإطار العمليات التي تجريها المصارف مع زبائنها. كما سبقت الاشارة الى أنه لم يكن للمصرف المركزي تاريخيًا سوى دور محدود, في تحديد هذا السعر.
وابتداء من العام 1986, سيحاول البنك المركزي أن يوقف المنحى التصاعدي لسعر الدولار. وسيكتشف حينئذ, أن الشروط التي تحكم أداء سوق القطع في بيروت, تسهّل إجراء عمليات المضاربة على العملة, وانه الطرف الأضعف في المواجهة مع المتعاملين من القطاع الخاص في هذه السوق.
الشروط التي حكمت تعاطي المصرف المركزي مع سوق القطع
والحقيقة هي ان أداة التدخّل الرئيسية التي كان المصرف المركزي يملكها, لتقرير المستوى الذي ينبغي ان يكون عليه سعر صرف الليرة, كانت تتمثّل بما يتوفر له من عملات صعبة, يمكنه ان يدفع بها الى سوق القطع. كما وان الإطار التشريعي الذي يحكم نشاطه, والذي يجسده قانون النقد والتسليف وقانون السرية المصرفية, هو الذي كان يرسم حدود إمكاناته على هذا المستوى. وكان يرسم حدود هذه القدرة ايضاً, ضعف الرقابة على عمليات المصارف, التي تتولى مهامها لجنة الرقابة على المصارف.
ويبدو قانون النقد والتسليف, وكأنه يعطي المصرف المركزي صلاحيات واسعة لجهة التحكم بالعمليات المصرفية. إلا ان قانون السرية المصرفية, الذي يغلف بالسرية الكاملة الحسابات الدائنة, كان يمنع هذا الاخير من ممارسة أية رقابة على حسابات الزبائن في المؤسسات المصرفية. كما وأن إخضاع قسم الرقابة في المصرف المركزي لإشراف جهاز مستقل عنه, هو لجنة الرقابة على المصارف, كان يجعل هذه الرقابة أكثر تعذرًا.
ولم يكن للمصرف المركزي, في عمله اليومي, أن يعرف لمصلحة من يحصل هذا الطلب على العملات الصعبة أو ذاك. ولم يكن يملك حق طرح الأسئلة عن دوافع الطلب على الدولار. وحتى حين كان يتعرّف الى هوية الأطراف التي تفتعل الطلب على العملات الصعبة, فإنه لم يكن قادرًا على أن يسمّي مضاربين معيّنين, ولا أن يحيلهم أمام القضاء بتهمة المضاربة غير المشروعة. علماً ان حاكم المصرف المركزي, كان ما يفتأ يؤكد وجود “مضاربين ماليين” يمارسون ضغطًا متعمدًا في سوق القطع بهدف تحقيق أرباح ناشئة عن المضاربة, ويعتبر أن بعضهم كان يتحرك “لمصلحة بلدان أجنبية هدفها إضعاف الليرة اللبنانية” (34).
بيد أن القانون لم يكن ينطوي على تعريف للمضاربة غير المشروعة. كما انه يحظر كشف أسماء المؤسسات التي تتعامل في سوق القطع. وكان المصرف المركزي ينتهي بأن يرسل إلى قاضي التحقيق لوائح صادرة عن الحاسوب, تظهر مشتريات ومبيعات هذه أو تلك من المؤسسات المصرفية, من العملات الصعبة, من دون تحديد للإسم, مستبدلاً إياه بأرقام وأحرف. ولم يكن هذا الأمر يؤدي إلى أية نتيجة, لأن غياب نص تشريعي يدين عمليات الشراء غير الاعتيادية, أو غير المبررة بدوافع معقولة, أو يفرض حدودًا معينة لهذه المشتريات, كان يعيق إمكانات التدخل أو الرقابة من قبله في هذا الميدان.
وأمام هذا التقييد لحركة المصرف المركزي في تعاطيه مع سوق القطع, كانت نواقص لجنة الرقابة على المصارف في ممارسة مهماتها, تأتي في المرتبة الثانية من حيث اهميتها النسبية. وقد تبدّت هذه النواقص في نقص عديدها, وفي تعيين فريق غريب لجهة تأهيله وتجربته عن عالم المصارف في بداية عهد الرئيس أمين الجميل, وفي الحظر الذي كانت تواجه به إذا أرادت الدخول إلى بعض المصارف, لممارسة دورها في التدقيق الخارجي في العمليات المصرفية (35).
وسيؤمن الإطار التشريعي الذي سبق ذكره, للمتعاملين من القطاع الخاص في سوق القطع, حرية كاملة لبرمجة وتحقيق أية عملية رفع لسعر الدولار يكون سبق لهم أن قرروها.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)