عضو أساسي
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة

رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل
خلاصة
ان الامر الأهم الذي ينبغي تسجيله بخصوص تجربة لبنان السابقة في ميدان خفض سعر صرف العملة, هو ان هذا الخفض لم يكن له أي مردود, لجهة تعزيز القدرة الانتاجية للاقتصاد الوطني. وذلك لانه لم يستثمر كاحد عناصر مشروع نمو بديل, منفتح على السوق الدولية. ويرجع ذلك, لغياب هذا التصوّر في الاساس لدى المسؤولين, وغياب الادارة الحكومية التي تستطيع وضعه موضع التنفيذ. وان سياسة هادفة في ميدان سعر صرف الليرة, تتطلّب تحديد سعر صرف مناسب, يجري ربطه باهداف السياسة الصناعية, ويكون خاضعاً لمستلزماتها.
مفهوم سعر الصرف المناسب (appropriate)
وتقدم الأدبيات الاقتصادية أكثر من تعريف لما يسمى بسعر الصرف المناسب. والسعر الذي يهمنا في هذا الإطار, هو ذلك الذي يتيح تعزيز القدرة التنافسية للسلع التي ينتجها الاقتصاد الوطني, القابلة للتبادل الدولي(72). وينبغي بالتالي, أن يكون هذا السعر مرنًا, بحيث يمنع تحسن سعر صرف العملة تجاه بقية العملات, مع ما يرتبه ذلك من إعاقة للقدرة على التصدير. ويؤمن تعريف سعر صرف العملة الوطنية على هذا النحو, خدمة للاقتصاد الوطني أكبر من تلك التي تنجم عن الأخذ بسعر صرف مثبت لهذه العملة. ويكون إسهامه في النمو الاقتصادي إيجابيًا, شرط اقتران الأخذ به, بتطبيق سياسة اقتصادية تهدف لتعزيز القدرة الإنتاجية الوطنية المعدة للتصدير. وفي حال اعتماد سياسة كهذه, يعوّض النمو المتحقق, وزيادة معدل الاستخدام, وما إلى ذلك من تطورات إيجابية ناجمة عنها, زيولها السلبية المتمثلة بوجود حدّ من التضخم في الاقتصاد الوطني, يترتّب عليه تآكل للقدرة الشرائية للاجور.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]سياسة التحوّل الاقتصادي البديلة
لكن شرط اعتماد سعر صرف مرن في لبنان, هو وجود سياسة تحوّل اقتصادي, يصار لتطبيقها, ويعوّل عليها لتحقيق مشروع التنمية الذي لم ينجح لبنان في تحقيقه خلال حقبة ما بعد الحرب. أي انه ينبغي بلورة هذه السياسة والشروع بتطبيقها قبل الحديث عن أي تغيير في سعر صرف العملة الوطنية. وفي حال تطبيق سياسة كهذه فقط, يمكن اعتماد سعر صرف مرن للعملة الوطنية. ويكتسب هذا الاخير تبريره إذذاك, من كونه مرتبطاً بهذه السياسة, ومسخّراً لإنجاحها. ويشكل تغيير الإدارة العامة واعتماد سياسة صناعية بنيوية الطابع, العنوانان الرئيسيان لسياسة التحوّل الاقتصادي البديلة هذه.
ويتناول الشق الأول من هذه السياسة, وضع سياسة إدارية جديدة موضع التطبيق, تتيح إقامة إدارة حكومية كفوءة وفعالة, يجري تنسيب أفرادها على قاعدة الكفاية والاستحقاق فقط, وتكون مهمتها تحقيق مشروع التحول الاقتصادي الشامل, على أن تستوحي في مقاربتها لهذا الموضوع, النموذج الشمال*شرق آسيوي للدولة التنموية (كوريا الجنوبية, تايوان, اليابان).
أما العنصر الرئيسي الآخر في سياسة التحوّل الاقتصادي هذه, فيتناول وضع سياسة صناعية جديدة, بنيوية الطابع, موضع التنفيذ. وينبغي أن يأخذ تعريف هذه السياسة بالاعتبار, التحوّلات التي طرأت منذ الستينات والسبعينات, في ميدان العلاقات الاقتصادية الدولية, والتي تفرض ضرورة تحقيق إنتاج تنافسي, ضمن إطار من الانفتاح الاقتصادي, ومن تحرير المبادلات مع الخارج. ويكون هدف هذه السياسة, بناء صناعة وطنية تمتلك ميزات تنافسية تجعلها قادرة على التصدير إلى الأسواق الدولية. ويتطلب تحقيق هذا الأمر, تدخلاً فعالاً وانتقائيًا من قبل الإدارة الحكومية على هذا المستوى. ويقوم هذا التدخل على تقديم حوافز وأشكال حماية ودعم متعددة ومتنوعة للمؤسسات التي ستنشأ, على أن تلتزم هذه المؤسسات بتنفيذ الخطط الحكومية الموضوعة, التي تهدف لبناء قدرة تنافسية دولية للاقتصاد الوطني.[/COLOR]
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .