المهم بدأت زوجتي بالبكاء و طاش حجرها و قرع علينا الجيران الباب لاستعجالنا في النزول الى الطوابق الأرضية قمنا بحمل الأوراق الثبوتية و بعض الحاجيات الهامة و كانت زوجتي تركض مذعورة فقامت بفتح باب الغرفة بسرعة و كان وراء الباب عطاء الله فأكل ضربة زادت الموقف سوءا لانفجاره بالبكاء لكن رب العالمين تلطف بانه لم يصب بأذي حملت حكيم الدين و و ضممته الى صدري و هو في حالة وجل و حملت و احدى الحقائب و حملت زوجتي عطاء الله و لفته بالبطانية و خرجنا مسرعين من الباب كهرباء الدرج لا نستطيع اشعالها لأننا سنكشف على الشارع فقلت لزوجتي صلي على النبي و نزلي بهدوء على الدرج مشان ما تتفركشي انت و شايلة الصغير ..
نزلنا على الدرج بالعتمة و صوت الانفجارات و الرصاص و المآذن يزيد زوجتي رعبا الى أن وصلنا الى الطابق الأول و كان الجيران ينتظرونا على الباب
دخلنا الى البيت و جلست النسوة لوحدها و جلسنا نحن الرجال لوحد و الكل صامت .....لا يمزق الصمت الا أصوات الانفجارات و أزيز الرصاص و أصوات الموبايلات التي لم تهدأ الى أن فرغ شحنها ....ومع ان الكهرباء للعجب لم تنقطع يومها لكننا لشدة الأمر لم ننتبه الى شحن الموبايلات
وكل التلفونات تزيدنا ذعرا بأن يقولون لنا بأن القنابل تدك الأبنية و الجزيرة تقول مجزرة في حي الخالدية في حمص و الكل ينبهنا بأن المياه مسممة لا تشربوها و أصوات الجوامع تطلب التبرع بالدم و المساعدة لمن يتقن الخدمات الطبية ..........
قررنا أنا و أحد جيراننا بعد أن قاربت الساعة على الثالثة أن نعود الى البيت بعد أن هدأت شدة الأصوات نوعا ما و قد عجز الجيران بأن نبقى عندهم قلنا لهم
لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا و ها نحن قد أخذنا بالأسباب ....
طلعنا على الدرج مع الولاد و النسوان طبعا الوضع مخيف لأنك مكشوف على الشارع ..
بس الحمد لله رب العالمين وصلنا على البيت ...و هالمرة ما عاد يجينا صبر مشان موضوع تسمم المياه فقال لي جاري شو رأيك نروح نسكر السكر ....
التلوا يا رب توكل على الله
مع انو بالعقل شبه متأكد انو هادا الشي مانو صح
بس الواحد بهيك مواقف ماعاد يسعفوا عقلوا ...و بيؤول ما بدي غامر بالعيلة ...
طلعت أنا و جاري على سطح البناء و كالمجانين وقفنا على الباب و كان ضو القمر كاشف بصراحة فزعنا
بعدين توكلنا على الله و ركضنا باتجاه خزانات الماء سكرت السكر ...بنايتنا تعتبر حدود الخالدية يعني نحن طريق حماة و الأبنية اللي خلفنا مباشرة من جهة الشرق هي الخالدية نظرت نظرة توقعت أن أرى الخراب في كل مكان استنادا الى الأصوات و ما تبثه الأقنية
لكنني تفاجأت بوجود مكان واحد تصدر منه أعمدة الدخان في الخالدية ...طبعا المنظر مرعب لكنه لم يكن كما رسم في مخيلتي و أزحت النظر الى الناحية الشمالية من البناء ز الذي يبعد عنه مقر المخابرات الجوية بحدود واحد كم فرأيت الدخان يتصاعد من سور المقر ..لم أعر الموضوع اهتماما كثيرا في تلك اللحظة و نزلنا هرعين من السطح لأن صوت الرصاص لم يتوقف ...صحيح انه صوت أخف من القذائف
لكن الانسان تقتله رصاصة ليس بالضرورة أن تصيبه قذيف أو انفجار حتى يموت ....
حتى أن هناك بعض الناس تقتلهم صوت الرصاصة ...
نزلنا كل واحد على بيته و هيأنا للصغار كي يناموا
و جلسنا بين مستيقظ و نائم الى أن غلبتنا أعيننا و نمنا رغم صوت الرصاص ......
أتابع لاحقا القصة و شهادتي أمام الله عز وجل و ما رأيته بعيني و ما استنتجته و لو أن شهادتي قد لا ترضي المعارضة و لا الموالاة...
لكني متأكد أنها سترضي الله عز وجل لأني أقول الصدق ...........