الملاحظات

اقتصاد سوريا الاقتصاد السوري .. المشاريع الجديدة .. قوانين اقتصادية حديثة . مشاكل اقتصادية . سوق السيارات .. مصانع ...الخ

إضافة رد
أدوات الموضوع
قديم 27-01-2012, 10:04 PM
  #1
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

يعتبر تخفيض العملة من الوصفات الأساسية والدائمة لصندوق النقد الدولي والذي يكون جزءاً رئيسياً من برنامج الإصلاح الاقتصادي لجميع الدول التي تطبق هذه البرامج تحت إشراف الصندوق.
ويتم تخفيض قيمة العملة بإحدى طريقتين تتبعهما الدول:‏

ففي نظام التمويل الحر من العملة إلى الذهب تعطى الوحدة النقدية قيمة معدنية أقل من قيمتها السابقة.‏

أما في النظام الذي لا يرتبط بالذهب فيتم تخفيض العملة المحلية بالنسبة للعملات الأجنبية الأخرى المباشرة، وهو ما يعرف بسعر الصرف.‏

ويختلف هذا الإجراء عن الانخفاض التلقائي للعملة الذي هو نقص في قيمة العملة. إما بسبب التضخم وإما بسبب العجز في ميزان المدفوعات، أو بسببهما معاً.‏

وهناك سببان لتخفيض قيمة العملة: الأول خفض القيمة الدفاعية وهو إجراء تقدم عليه الدولة مجاراة لتخفيض أجرته دولة أخرى تربطها بها علاقات اقتصادية قوية، وذلك لحماية مبادلاتها التجارية والمحافـظة على ازدهارها.‏

والثاني: هو خفض القيمة الهجومية وهو الإجراء الذي تقدم عليه الدولة في محاولة للتغلب على مشكلاتها الاقتصاديةالداخلية.‏

وينطلق هذا المبدأ من فكرة كون التخفيض يجعل منتجات الدولة أكثر تنافساً بالأسواق العالمية، فيعمل ذلك على زيادة الصادرات وبنفس الوقت يرفع من كلفة المستوردات فيجعلها تتراجع، وبالتالي يتمكن البلد من تحقيق فائض بالميزان التجاري أو تخفيض العجز إذا كان هناك عجز، ويقلل من الاستهلاك المحلي وبذلك يتمكن البلد من تجاوز مشكلاته الاقتصادية.‏

إلا أن هذا الإجراء مرهون بشروط عدة يجب تحقيقها، أولها أن يكون الطلب الخارجي على السلع مرتفع جداً.‏

والثاني هو قدرة الدولة على التصدير للأسواق الخارجية بقوة، بحيث يطرح في الأسواق كميات كبيرة من المنتجات لمواجهة الطلب المتزايد.‏

والثالث هو اختيار الوقت المناسب والنسبة الصحيحة للتخفيض لكي لا يؤثر على السياسة النقدية للدول الأخرى بحيث تضطرها أيضاً لإجراء عملية تخفيض على عملتها وتلغي بذلك قيمة العملية من أساسها.‏

وأخيراً يجب ألا تتأثر أسعار السلع في داخل الدولة بعملية تخفيض العملة وهذا شرط نادر الوقوع، حيث غالباً ما ترتفع الأسعار الداخلية على أثر تخفيض قيمة العملة.‏

كما لابد من ملاحظةأنه رغم بعض الإيجابيات التي تنجم عن تخفيض العملةإلا أن ذلك قد يؤدي إلى زيادة عبء الديون الأجنبية المتفق على دفعها بالنقد الأجنبي مسبقاً.‏

أما نتائج تخفيض قيمة العملة على الاقتصاد فتتمثل في أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات سوف يؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع معدلات التضخم المالي وخاصةإذا استمرت أسعار صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بالانخفاض المتواصل.‏

وعلى الرغم من العلاقة العكسية بين التضخم المالي والبطالة، فإن ارتفاع الأسعار يضطر كل من القطاعين العام والخاص إلى زيادة أجور العاملين فيهما أملاً في تخفيض أعباء المعيشة عليهم نظراً لتدهور القوة الشرائية لأجورهم، وفي الوقت ذاته تقلل من مقدرة القطاعين العام والخاص على زيادة عدد الوظائف، فتنتشر البطالة أو تزداد عن معدلاتها أصلاً.‏

وهناك أثرٌ آخر على الاقتصاد الكلي نتيجة تخفيض قيمة العملة لا يقل أهمية عن الأول يكمن في تذبذب أسعار صرف العملات الأجنبية الرئيسية وأهمها الدولار واليورو.‏

فبارتفاع سعر صرف إحداها ترتفع أسعار الواردات وتنخفض أسعار الصادرات أي أن بضائع الدول التي ارتفع سعر صرف العملات الأجنبية الرئيسية بالنسبة لعملتها المحلية تصبح أرخص بالنسبة للدول المستوردة لها، بينما تصبح بضائع الدول المصدرة لها أعلى ثمناً عليها، وذلك حسب نوع العملة الأجنبية والدول التي تتم معها التعاملات التجارية أو التي يكون للدولة مبادلات تجارية عالية معها.‏

ولذلك لا تستفيد الدولة من تخفيض العملة المحلية مقابل الدولار «مثلاً» إلا الدول التي تصدر أكثر مما تستورد إلى الدول التي تتعامل بالدولار كعملة رئيسية في صرف مبادلاتها التجارية، فتزداد بذلك قيمة صافي صادراتها نتيجة لتخفيض سعر صرف عملتها المحلية.‏

أما بالنسبة للدول التي تكون صادراتها أقل من وارداتها فإنها بالتأكيد سوف تصاب بخسائر كبيرة.‏

وهذا هو الحال بالنسبة للدول النامية ومن بينها الدول العربية التي تطغى وارداتها على صادراتها.‏

بالنتيجة: ولكي تؤدي النقود وظائفها، فلا بد من توفر شرط هام وهو استقرار قيمتها، أي الحفاظ على قوتها الشرائية، وهو ما يعني استقرار مقدار السلع والخدمات التي تشتريها وحدة النقد المحلي، حيث إن هناك علاقة عكسية بين قيمة النقود والمستوى العام للأسعار، فقيمة النقود تنخفض أو تتدهور إذا اتجهت الأسعار نحو الارتفاع، وقيمتها تتجه للتزايد كلما اتجهت الأسعار نحو الانخفاض.‏

ولهذا يقول الاقتصاديون، إن قيمة النقود تساوي مقلوب المستوى العام للأسعار.‏

كما أن استقرار قيمة العملة المحلية هو الذي يؤدي إلى ثقة المواطنين، لذلك تظهر أهمية التنسيق بين السياستين المالية والنقدية واستخدام السلطتين المالية والنقدية لأدوات سياستهما للتأثير على الوضع الاقتصادي سواء كان يعاني من الضغوط التضخمية أو من الركود الاقتصادي.‏
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
7 أعضاء قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
ABDUL KARIM (28-01-2012), BROKER (29-01-2012), العربي (27-01-2012), hesham (03-02-2012), رندة (28-01-2012), saeed (30-01-2012), Ship World (06-02-2012)
قديم 27-01-2012, 10:07 PM
  #2
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

سياسة سعر صرف العملة: التجربة اللبنانية

عرف لبنان ابتداءً من العام 1984, تجربة خفض لسعر صرف عملته, نشأ عنها تضخم هائل, وترتبت عليها كلفة اجتماعية فادحة. وقد انتقل سعر الصرف الاسمي لليرة اللبنانية من 6,8 ل.ل./ د. في نهاية العام 1984, الى 1838 ل.ل./ د., بنهاية العام 1992. وارتفعت الاسعار بنسبة 11 ضعفاً بين هذين التاريخين, وانخفض الحد الادنى للاجور من ما يعادل 242 دولاراً في العام 1983 الى 64 دولاراً في العام 1992.
وجرى بنهاية العام 1992, تثبيت سعر الصرف الاسمي للعملة اللبنانية. ونجم عن ذلك خفض لمعدلات التضخم, ما زال مستمرًا إلى اليوم. وقد بلغ معدل التضخم الوسطي لحقبة 1994-* 2001, 5,3 % سنوياً. إلا أن ما ميّز الحقبة التي تلت العام 1992, هو نمو الدين العام بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ لبنان المعاصر, بما يمثّل تكرارًا لاحدى اهم التطورات التي عرفتها حقبة ما قبل العام 1984, وكانت من أسباب انهيار سعر صرف العملة اللبنانية. ويجعل هذا الواقع لبنان مرشحًا من جديد, لانهيار سعر صرف عملته, ولنشوء تضخم كبير فيه, تفقد معه مداخيل اللبنانيين, القدرة الشرائية التي اكتسبتها خلال حقبة التسعينات, وتعود إلى المستوى الذي كانت عليه خلال حقبة الثمانينات السوداء.
يقدم النص التالي, في الجزء الأول منه, عرضاً لانعكاسات خفض سعر صرف العملة الوطنية, كما تراها نظرية التصحيح الهيكلي, وكما تتبدى في الواقع, متخذاً من تجربة “التصحيح الانكماشي” التي عرفها لبنان سابقًا, مثالاً على ذلك. ويستعرض في هذا الاطار, تجربة خفض سعر صرف العملة اللبنانية على امتداد حقبة 1984-* 1992, موضحاً اسبابها وانعكاساتها. ثم يظهر في الجزء الثاني منه, كيف انتهت تجربة تدهور سعر صرف العملة اللبنانية, وكيف تم الخروج من التضخم بتثبيت سعر الصرف خلال التسعينات. ويستعرض لهذه الغاية تجربة اميركا اللاتينية في هذا المجال, ويقارن بينها وبين التجربة اللبنانية على هذا المستوى. أما الجزء الثالث من النص, فيناقش اولاً مسألة جدوى اعتماد سعر صرف مثبت او مرن للعملة اللبنانية. ويربط ثانياً هذه المسألة بموضوع السياسة الانتاجية التي يتوجّب على لبنان الأخذ بها, للخروج من أزمة المديونية وتوقف النمو التي يرزح تحتها.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:08 PM
  #3
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

1ـ تجربة خفض سعر صرف العملة الوطنية

1- *1. سعر صرف العملة
إن الطريقة الأقل إثارة للالتباس لتعريف سعر صرف العملة الوطنية, هي اعتباره الثمن الذي نؤديه بالعملة الوطنية لشراء وحدة نقدية فقط من العملات الأجنبية. كأن نقول على سبيل المثال, إن سعر الصرف الاسمي للعملة اللبنانية هو 1500 ل.ل. مقابل كل دولار أميركي.
ويمكن أن يكون سعر صرف العملة ثابتًا أو متحركًا أو مرنًا. ويكون ثابتًا, إذا اعتمد البلد المعني سعر صرف رسمي لعملته, وأوكل للإدارة الحكومية المختصّة الحفاظ على هذا السعر. ويكون متحركًا أو مرنًا, إذا سمح البلد المعني لقوى السوق, أي لعناصر العرض والطلب على العملات الأجنبية فيه, أن تحدد هذا السعر. وفي هذه الحالة, يكون سعر الصرف معوّمًا بالكامل. أما إذا كلف البلد المعني, المصرف المركزي مهمة الحد من حركة سعر الصرف صعودًا وهبوطاً, فيكون نظام الصرف المعتمد, هو نظام التعويم الجزئي. وإذا تمكن المصرف المركزي من تثبيت سعر الصرف الاسمي, بحيث لا تطرأ عليه إلا تغييرات طفيفة, يكون نظام الصرف المعتمد, هو نظام الصرف المعوّم الزاحف.
ونستخدم تعبيري الخفض والتحسّن للدلالة على التغييرات التي تطرأ على سعر صرف العملة الوطنية. وإذا زاد عدد الوحدات النقدية الوطنية المطلوبة لشراء وحدة نقدية أجنبية, نقول إنه جرى خفض (dévaluation) سعر صرف العملة الوطنية, أو إن سعر الصرف هذا قد تدهور(depréciation) . ويصح استخدام تعبير الخفض, إذا كنا ضمن إطار نظام صرف ثابت. ونستخدم تعبير التدهور, أو التدنّي, إذا كنا ضمن إطار نظام صرف مرن.
أما إذا انخفض عدد الوحدات النقدية الوطنية المطلوبة لشراء وحدة نقدية أجنبية, فنقول انه قد جرى تحسين سعر صرف العملة الوطنية (réévaluation) , اذا كنا ضمن اطار نظام صرف ثابت, وان سعر الصرف هذا قد تحسّن (appréciation) , اذا كنا ضمن اطار نظام صرف مرن.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:11 PM
  #4
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل


1- 4. تجربة “التصحيح الانكماشي” في لبنان سابقًا

1- *4- *1. لمحة عن تطور نظام القطع في لبنان, منذ العام 1948
أ- * نظام صرف معوّم, وصندوق لتثبيت القطع منذ العام 1949(5)
مثّلت الوحدة النقدية العثمانية, العملة المتداولة في لبنان, على امتداد الحقبة الممتدة من العام 1560 إلى العام 1918: وهي كانت عملة معدنية. وقد فرضت قوات الحلفاء استخدام العملة الورقية المصرية بين عامي 1918 و1920. ولم تنجح في ذلك, لأن الناس ثابروا على استخدام العملة العثمانية المعدنية.

الليرة اللبنانية السورية
وفي العام 1920, تم إصدار عملة ورقية لبنانية * سورية جديدة, تنفيذاً لقرار المفوض السامي الفرنسي, الرقم 129, الصادر بتاريخ 2 نيسان من ذلك العام. وعهد باصدار هذه العملة إلى مصرف خاص, هو بنك سوريا, الذي كانت تملكه مؤسسات فرنسية وإنجليزية. وحددت قيمة كل ليرة لبنانية*سورية بـ 20 فرنكاً فرنسياً. وتضمّن القرار امكان ابدال هذه العملة بما يوازيها من الفرنكات في أي وقت كان.

مسألة التغطية
وفي العام 1924 وقّعت السلطات الانتدابية مع المصرف ذاته, الذي اصبح اسمه, بنك سوريا ولبنان الكبير, اتفاقية جديدة, حصل هذا الاخير بموجبها على امتياز اصدار هذه العملة لـ 15 سنة اضافية, تنتهي في العام 1939. وحددت الاتفاقية سقفاً لكمية النقد المتداول من هذه العملة يساوي 25 مليون ل.ل.س., وتغطية لهذا النقد مكوّنة بشكل شبه كامل من الفرنك الفرنسي. ولن تتجاوز التغطية الذهبية لهذه العملة طوال مدة الاتفاقية الـ 4 % من مجموع التغطية. وقد كانت الاتفاقية موضع نقد دائم من قبل الطرفين اللبناني والسوري, لانها ربطت العملة الجديدة بالفرنك الفرنسي, في حين ان سعر صرف هذا الاخير كان يتعرّض بشكل متكرّر للتخفيض, مفقداً تغطية هذه العملة قيمتها الفعلية. وقد فقد الفرنك الفرنسي بين عامي 1920 و 1940, 90 % من قيمته تجاه الدولار الاميركي(6). كما وانه تعرّض لـ 11 خفض لسعر صرفه بين عامي 1920 و 1948. وقد لجأ الفرنسيون للخفض المتكرّر لسعر صرف عملتهم خلال حقبة ما بين الحربين, وحقبة الثلاثينات على وجه الخصوص, عملاً بمقاربة شاعت آنذاك في اوساط الدول الصناعية, وبهدف تعزيز القدرة التنافسية الخارجية لسلعهم المعدّة للتصدير. واظهر موقفهم هذا بصدد الدور الذي ينبغي ان يلعبه سعر صرف العملة, تباينه مع وجهات النظر المحلية على هذا الصعيد.
وازاء مطالبة الحكومتين اللبنانية والسورية بتعديل اتفاقية العام 1924, تم في العام 1937 توقيع اتفاقية جديدة, رفعت نسبة التغطية الذهبية الى 10 % من المجموع. لكنها لم تختلف في شيء عن الاتفاقية التي سبقتها. ورفضت الحكومة السورية توقيعها. وقد مدّدت الاتفاقية التي وقعها لبنان الامتياز المعطى لمصرف الاصدار نفسه, الذي بات اسمه بنك سوريا ولبنان, لمدة 25 سنة اضافية, أي حتى العام 1964.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:13 PM
  #5
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

الحرب العالمية الثانية والرقابة على القطع
مع نشوب الحرب العالمية الثانية, أقامت السلطات الانتدابية نظام رقابة على القطع, وانشأت ادارة للقطع حصرت بها تجميع العملات الصعبة المتوافرة وتقنين استعمالها. وقد تولت هذه الادارة توفير المبالغ بالعملة المحلية اللازمة لتمويل انفاق الجيوش الحليفة, وذلك بواسطة سلفات كانت تحصل عليها من مصرف سوريا ولبنان, مقابل العملات الصعبة التي كانت تتسلمها من هذه الجيوش. وقد ادى ذلك الى ارتفاع حجم الاصدار النقدي بدرجة كبيرة, بحيث انتقل سقف الاصدار من 20 مليون ل.ل.س. عام 1939 الى 450 مليون ل.ل.س. عام 1945, أي بزيادة قدرها 22 ضعفاً. وترتّب على زيادة كمية النقد هذه, ارتفاع في الاسعار, عبّر عنه انتقال مؤشر اسعار الجملة, من 100 في العام 1939 الى 1209 في العام 1945(7), وانتقال مؤشر اسعار الاستهلاك من 100 الى 607, بين هذين التاريخين, أي تضاعف اسعار الاستهلاك بمعدل ست مرات بينهما(8).
إلا ان حقبة الحرب العالمية الثانية, كانت بداية تحرير الليرة اللبنانية*السورية من ارتباطها بالفرنك الفرنسي. وقد وقعت فرنسا مع انكلترا اتفاقية في العام 1941, حددت بموجبها سعر صرف رسمي لعملتها تجاه الليرة السترلينية. وتم الامر نفسه بالنسبة لليرة اللبنانية*السورية. وفي العام 1944, وقعت فرنسا مع لبنان وسوريا اتفاقية جديدة, التزمت فيها بالتعويض عن أي انخفاض في قيمة التغطية للعملة, في حال حصوله.
لكن عامي 1945 و 1946 شهدا تخفيض سعر صرف الفرنك الفرنسي ثلاث مرات متتالية. ورتّب ذلك على الطرف الفرنسي مبالغ مهمة لتأمين تغطية العملة اللبنانية السورية, تنفيذاً لمعاهدة 1944, وهذا ما دفعه الى ايقاف العمل بالاتفاقية في العام 1947, ودعوة البلدين لتوقيع اتفاقية جديدة معه. وقد اشترطت الاتفاقية الجديدة المعروضة على البلدين, اجراء مشترياتهما من منطقة الفرنك, والابقاء على الامتيازات الممنوحة للمصالح الفرنسية فيهما, الخ. وقد وقّع لبنان الاتفاقية في العام 1948, في حين رفض الجانب السوري توقيعها في بداية الامر. وقد عاد لاحقاً عن موقفه هذا. وقد برّر عدم توقيع السوريين للاتفاقية, انهاء الوحدة النقدية التي كانت قائمة بين البلدين.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:14 PM
  #6
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

الليرة اللبنانية
وكان لبنان قد وقّع ايضاً, اتفاقية الانضمام الى صندوق النقد الدولي, في العام 1947. وانطوت هذه الاتفاقية على اعتراف بالعملة اللبنانية, كعملة مستقلة. وحددت قيمتها بما يوازي 0,455.512 ملغ ذهب. كما حُدّد سعر صرفها تجاه الدولار بـ 2,20 ل.ل./د., أي بما يتجاوز السعر المتداول بنسبة الثلث.
وفي العام 1949, اصدر لبنان للمرّة الاولى قانوناً للنقد(9), كرّس به التطورات التي حصلت. وقد تضمن هذا القانون شروط اصدار العملة اللبنانية, وشروط تغطيتها, بما يجعلها عملة مستقلة. وحدد هذه التغطية على اساس, 50 % من قيمة النقد المتداول, ذهباً وعملات صعبة, و50 % اوراقاً حكومية مختلفة. ونص القانون ذاته على ان يصار لرفع نسبة التغطية الذهبية من 10 % في تاريخه, الى 30 % في آخر العام 1952. وقد جهدت الحكومة لتجاوز هذه المعدلات, بحيث بات معدل التغطية الذهبية للنقد المتداول, يعادل 90 % في آخر العام 1954.

تحرير نظام القطع
وكانت الخطوة التالية التي خطاها لبنان ابتداء من العام 1948, هي تحرير نظام القطع الذي يعتمده. وحتى ذلك التاريخ كان تداول العملات الأجنبية ما يزال يخضع في لبنان وسوريا, لإشراف مكتب قطع مشترك بينهما. وقد صدر في 7 أيلول من العام 1948 قانون إنشاء إدارة مستقلة للقطع في وزارة المالية(10). ثم صدر في 5 تشرين الثاني من العام ذاته, المرسوم رقم 13532/12(11), الذي حرّر تداول عدد من العملات من رقابة مكتب القطع الجديد, وجعل هذه الرقابة مقتصرة على عدد من العملات الرئيسية. وفي العام 1952 كان قد انجز تحرير تداول كل هذه العملات. وباتت المعاملات بالعملات الصعبة تجري منذ ذلك التاريخ بأسعار السوق الحرة. وقد أزيلت الرقابة كليًا عن القطع, بموجب المرسوم رقم 8300 للعام 1952(12).

صندوق تثبيت القطع
وقد فرض التحرير التدريجي لنظام القطع, ضرورة إنشاء صندوق لتثبيت القطع. وأنشئ هذا الأخير, بموجب المرسوم الرقم 8, بتاريخ 6 تشرين الأول 1949, كأحد عناصر نظام الرقابة على القطع القائم آنذاك, الذي تشرف عليه وزارة المالية(13), وبات دوره الحفاظ على ثبات سعر صرف العملة اللبنانية, أي منع حصول تقلبات كبيرة لهذا السعر. ويمكن اعتبار أن نظام الصرف الذي بات سائدًا في لبنان, منذ العام 1949, هو نظام الصرف المعوّم, ولو أن لبنان لم يتخلّ عن سعر الصرف الرسمي لليرة الذي سبق له أن توافق بشأنه مع صندوق النقد الدولي. وقد اقتصر استخدامه لهذا السعر على المعاملات الخاصة بالدولة. أي ان هذا السعر كان يستخدم لاحتساب المداخيل الجمركية للدولة, واحتساب مختلف ايراداتها وأنفاقها بالعملات الصعبة.
وخلال السنوات التي تلت عملية تحرير تداول العملات الأجنبية, تحرّك سعر صرف العملة اللبنانية بشكل محدود نسبيًا, بلغ نسبة 13% من سعر الصرف الوسطي, خلال حقبة 1953*- 1966(14). واذا استثنيت ثلاثة سنوات من حقبة 1950- *1966, شهدت احداثاً غير اعتيادية, فان تقلبات هذا السعر على امتداد الحقبة كلها, كانت اقل من الهامش الذي سمح به نظام بروتون وودز(15). وقد بدا واضحاً منذ بداية الخمسينات ان خيار استقطاب الرساميل وتحويل لبنان الى مركز اقليمي للخدمات المالية, هو ما كان يملي الاهتمام المحلي بالحفاظ على سعر صرف ثابت وقوي للعملة اللبنانية. والبعض يربط بين سياسة سعر صرف العملة المتبعة منذ العام 1948 وبين التوجّه منذ ذلك الوقت, لاقامة “اقتصاد منتج للخدمات, منفتح على الخارج”
(tertiary outward-looking economy) (16).
وكان تحسّن سعر صرف العملة اللبنانية تجاه الدولار هو السمة الغالبة لتلك الحقبة. وقد انتقل هذا السعر من 3,73 ل.ل./د. في العام 1951 إلى 3,00ل.ل./د. في العام 1962. وساهمت في ذلك التدفقات المالية الخارجية التي عرفها لبنان خلال الخمسينات, والتي عزّزها قانون السرية المصرفية الذي صدر في العام 1956. وفي اغلب الاحيان, كان تحرك صندوق تثبيت القطع يحصل لمنع تحسّن سعر صرف العملة اللبنانية, من خلال شراء الدولار المعروض في سوق بيروت. علمًا أنه تحرك في الاتجاه المعاكس أكثر من مرة. وقد عمد خلال عامي 1958 و1963 لبيع العملات الأجنبية, لمنع تدهور سعر صرف العملة اللبنانية.

ب- * دور البنك المركزي, منذ العام 1964, كمؤسسة مستقلة معنية بتحقيق ثبات قيمة العملة:
وابتداء من العام 1964, تاريخ إنشاء المصرف المركزي, تولّى هذا الأخير مهمة الحفاظ على ثبات سعر صرف العملة اللبنانية. وهي مهمة أوكلها اليه “قانون النقد والتسليف” الذي صدر في ذلك الوقت.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:16 PM
  #7
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

السياسة النقدية
وبما يتجاوز مجرد التدخل في سوق القطع للحفاظ على ثبات سعر صرف العملة, عكس مضمون “قانون النقد والتسليف” اهتمام المصارف الخاصة, بأن تحافظ هذه المؤسسة الجديدة, على استقلاليتها تجاه السياسات الحكومية, وبأن يكون هدف السياسة النقدية التي تتّبعها, الحفاظ على ثبات قيمة العملة الوطنية, وبما يجعل هذا الهدف أولوية لديها, أي ينفي وجود اهداف أخرى لها, كالإسهام بحفز النمو الاقتصادي(17). وأكدت على ذلك المواد 88 الى 92 منه, التي نصّت على عدم جواز توفير سلفات من المصرف المركزي للدولة, إلا في الحالات الاستثنائية البالغة الدقة.

وتعريف سعر صرف العملة اللبنانية
وقد تضمّن قانون النقد والتسليف, تحديداً لسعر الصرف الرسمي للعملة اللبنانية, سمي “السعر الانتقالي القانوني” لليرة اللبنانية. وحددت المادة 229 منه, هذا السعر بالنسبة الى الدولار الاميركي, على اساس ان يكون “اقرب ما يكون من سعر السوق الحرّة”, وذلك بانتظار ان يكون قد تم تحديد سعر صرف جديد لليرة, يعبر عنه بما يقابله من الذهب, بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وأخذاً بمضمون هذه المادة, جرى في آخر العام 1964, تحديد “السعر الانتقالي القانوني” لليرة اللبنانية تجاه الدولار(18), على اساس 3,08 ل.ل./د. وجرى احتسابه بحيث يمثّل متوسط اسعار الصرف في السوق الحرّة, خلال اعوام 1962*1964. وقد نص “قانون النقد والتسليف” على العمل بهذا السعر لمدة عشر سنوات فقط تنتهي في العام 1973.
وبانتهاء الحقبة الانتقالية هذه, كان نظام بروتون وودز, القائم على ثبات أسعار صرف العملات, قد انتهى منذ العام 1971. واعتمدت غالبية دول العالم أنظمة صرف معوّمة. الأمر الذي دفع السلطات النقدية, بالتوافق مع التجمّعات المهنية لأرباب العمل, لإعتماد سعر صرف جديد معوّم للعملة اللبنانية. وقد عبر عن ذلك قرار المصرف المركزي, اعتماد “سعر صرف متحرك” للعملة اللبنانية, يجري تحديده بنهاية كل شهر, ويستخدم لاحتساب مداخيل الدولة وانفاقها بالعملات الصعبة. وتحدد قيمة هذا السعر, كمتوسط حسابي لأسعار الصرف اليومية خلال الشهر نفسه(19), وقد استمر العمل بهذه المقاربة لسعر صرف العملة اللبنانية, منذ ذلك التاريخ, وحتى يومنا هذا.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:17 PM
  #8
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

في اوائل الثمانينات
وسوف يعبّر المصرف المركزي عن موقف أكثر تشددًا, خلال حقبة 1979*1982, على صعيد مواجهة التضخم. وسيعمد, ترجمة لهذا الموقف, لاقناع الحكومة برفع أسعار الفائدة على سندات الخزينة لتشجيع المصارف على الاكتتاب بها, بما يؤدي لخفض السيولة بالليرة اللبنانية. وسيلجأ المصرف المركزي أيضاً لخفض حجم التسليف الذي يقدمه لتمويل الانفاق الحكومي. كما أن حاكم المصرف المركزي سيواجه خلال عامي 1982 و1983 بالرفض, مطالبة الصناعيين له, بخفض سعر الفائدة, معتبراً أنه معني أولاً بالحفاظ على قيمة العملة اللبنانية(22).

1- *4- *2. تجربة عقد الثمانينات في مجال خفض سعر صرف العملة اللبنانية(23)

أ. عناصر حقبة 1982- *1984 التي هيّأت لانهيار سعر صرف الليرة
يمكن إرجاع أسباب انهيار سعر صرف العملة اللبنانية, ابتداء من العام 1984, إلى موجة الهروب من النقد اللبناني (fuite devant la monnaie), التي بدأت خلال العام 1983. وقد اتخذ هذا الهروب, شكل استبدال للعملة اللبنانية بعملات صعبة, أي جسّد حالة اجماع لدى اللبنانيين لصالح شراء العملات الأجنبية.
وهذا يعني أن خفض سعر صرف العملة اللبنانية, لم يكن نتيجة سياسة تصحيح معلنة بواسطة سعر الصرف, جرى تطبيقها بصورة متعمّدة من قبل السلطات العامة. لكن الحجج التي تستخدم في العادة لتبرير هذا النوع من السياسات, اعتمدت في ما بعد, لتبرير الخفض الذي تمّ, ولإقناع المتضررين منه بجدواه, وجدوى التكيّف معه.

زيادة الانفاق العام والدين العام
وقد تميّز الظرف الإقتصادي لحقبة 1983*- 1984, بتنامي عجزين * عجز المالية العامة وعجز ميزان المدفوعات. وهما تطوران نجدهما على الدوام, في أساس كل تجارب خفض سعر صرف العملة.
وقد زاد الإنفاق العام, كما زاد عجز المالية العامة خلال الحقبة المذكورة, بنسب لم يعرفها لبنان سابقًا. وقد عمدت الحكومة للاقتراض من المصارف التجارية ومن المصرف المركزي لتمويل انفاقها. وقد أمكن لها ان تستدين قدر ما تشاء من المصارف التجارية, مستندة في ذلك الى حق اعطتها اياه قوانين الموازنة ابتداء من العام 1980. وقد سمحت المادة (9) من قانون موازنة العام 1980 للحكومة, بإصدار سندات وعقد قروض “ضمن حدود مبلغ يوازي عجز الموازنة”. واعطت المادة (10) من قانون موازنة العام 1981 لوزير المالية حصراً, الحق بإصدار سندات خزينة. ورفعت المادة (9) من قانون موازنة العام 1984 حدود اصدار سندات الخزينة الى مبلغ غير محدّد, “يوازي عجز الموازنة واحتياجات الخزينة”. وتكرّر الامر نفسه في مشروع قانون موازنة العام 1985(24).
أما الاقتراض من المصرف المركزي, فقد أجازته إتفاقية عقدت بين وزارة المالية وبين المصرف المركزي في العام 1977, سمحت للحكومة بان تحصل على قروض استثنائية, “بغية تمويل تسيير اجهزة الدولة, واعادة التعمير”(25).
وقد رفع سقف هذه القروض اكثر من مرّة بعد ذلك التاريخ. وكان ذلك يتم بموجب مادة في قانون الموازنة, تجيز للحكومة تعديل الاتفاقية المذكورة بمرسوم. وقد بقي ارتفاع سقف هذه القروض محدوداً حتى العام 1982. إلا ان حقبة 1982*- 1984, شهدت رفعاً لسقف التسليفات من المصرف المركزي للحكومة, بما يتجاوز الستة اضعاف. ففي حين كان سقف هذه التسليفات يساوي 2500 مليون ل.ل., بتاريخ 18 ايلول 1982, اصبح يساوي 16000 مليون ل.ل., في آخر العام 1984(26).
وقد ارتفع حجم الدين العام بنتيجة ذلك, من أقل من 7 مليارات ل.ل. في آخر العام 1981, إلى أكثر من 14 مليار ل.ل., في آخر العام 1982, أي أنه تضاعف خلال عام واحد. كذلك أدت الطريقة التي اتبعت لشراء أسلحة للجيش, إلى إضعاف الاحتياطي الرسمي بالعملات الصعبة لدى المصرف المركزي بدرجة كبيرة. وقد جعل إبقاء المسؤولين الحكوميين, خلال تلك الحقبة, على مستوى مرتفع من الإنفاق العام, من دون الأخذ بالإعتبار لعدم توفّر موارد كافية لهذه الغاية, الدولة والقطاع العام مزاحمًا للقطاع الخاص, للحصول على مبالغ باتت محدودة من الاحتياطي بالعملات الصعبة. وقد عبّر هذا التنازع عن نفسه في سوق القطع الذي بدأ يشهد مع حلول خريف العام 1984, ارتفاع ثمن شراء الدولار في السوق المحلية. ويتحمّل العهد الرئاسي الجديد الذي قام آنذاك, مسؤولية مباشرة في حصول هذه التطورات كلها.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:18 PM
  #9
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

عجز ميزان المدفوعات
وقد أدى التحوّل الذي طرأ على الظرف الإقليمي, ابتداء من العام 1983, وعبر عنه تراجع الإيرادات البترولية, إلى تقليص حجم التحويلات من الخارج التي اعتاد الاقتصاد اللبناني الاستفادة منها خلال السنوات السابقة. وكانت هذه التحويلات قد مثّلت طوال حقبة 1979*1982, ما يوازي نصف الدخل الوطني. إلا أنه لم ينجم عن تراجع حجم التحويلات, انخفاض في حجم الإستيراد خلال عامي 1983 و1984. وقد حافظت الواردات خلال هاتين السنتين على مستويات مشابهة لتلك التي عرفتها خلال السنوات السابقة. ونجم عن ذلك تفاقم للعجز التجاري, وظهور عجز في ميزان المدفوعات, بلغ على التوالي, خلال السنتين المذكورتين, 933 و1242 مليون دولار. أي انعكست آثار التحوّل الذي طرأ على الظرف الإقليمي خلال تلك الحقبة, على الوضع الاقتصادي الداخلي, مظهرة ارتباط الظرف الاقتصادي الداخلي بالظرف الإقليمي.

ديون المصارف
ولم تتأخر العناصر السلبية التي انطوى عليها الظرف الاقتصادي المذكور, في التأثير على القطاع الخاص بأكمله. ووجد القطاع المصرفي نفسه أمام نسبة مرتفعة للغاية من الديون المشكوك بتحصيلها, والديون الهالكة. وقد شكلت هذه الديون خلال العام 1984, نسبة 40% من التسليفات التي وفرها القطاع المصرفي لمؤسسات القطاع الخاص, وما يوازي 16% من مجموع أصول المصارف(27).
وكانت المصارف قد زادت بقوة تمويلها للإنفاق العام, ابتداء من العام 1982. وقد مثلت التسليفات للقطاع العام, نسبة 20 % من ميزانية المصارف السبع الاولى في بيروت في العام 1983. وباتت هذه الاخيرة تخشى مع استمرار تدهور الوضع العام, انخفاض قيمة الديون التي ترتبت لها بذمة الدولة, لان هذه الاخيرة لا تمتلك ما يكفي من الإيرادات للايفاء بالتزاماتها. وتأكدت مخاوف المصارف هذه, ابتداء من صيف العام 1984, حين أعلنت ميليشيا “القوات اللبنانية” صراحة, بلسان رئيسها آنذاك * في تصريح له الى وكالة رويتر, بتاريخ 10 تموز 1984* رفضها إعادة المرافئ التي كانت تسيطر عليها إلى الدولة, حارمة هذه الاخيرة من المصدر الرئيسي لإيرادات الخزينة.
انسداد أفق الحل السياسي والهروب من العملة
ويمكن وضع هذه التطورات ضمن اطار السياق السياسي العام الذي طبع حقبة ما بعد العام 1982, وتمثل بإزدياد حدّة النزاعات المسلحة الداخلية, وتأكد حالة الانقسام الوطني. وولّد هذا المناخ لدى المدّخرين وأصحاب الرساميل, “استقطابًا في نظرتهم إلى المستقبل”, اتسم بالتشاؤم الشديد, وأكد إجماعهم على حيازة العملات الأجنبية.
ونشأت بالتالي “ستراتيجية قائمة على المضاربة” طبعت كل المسلكيات الخاصة آنذاك, ومثلت ترجمة لمقاربة مفادها أن على كل واحد أن ينجو بنفسه, واتخذت شكلاً موحداً, هو الدولرة. وكانت عمليات شراء الدولار تحصل داخل القطاع المصرفي ومن خلاله, لصالح هذا المصرف أو ذاك, وأحيانًا بأسماء مغفلة, أو لمصلحة المودعين انفسهم. وقد جرى تداول اخبار آنذاك, تشير الى انشاء “مجموعة عمل مصرفية”, هدفها جمع اكبر كميات ممكنة من الدولار, لدعم معسكر رئيس الجمهورية. وهي اخبار لم يصر لاثباتها, لكنها تستحق ان يصار للتأكد من صحتها.
وقد أسهم إبقاء حاكمية مصرف لبنان خلال العام 1984, شاغرة مدة خمسة أشهر, في تجفيف الإحتياطي الرسمي بالعملات الصعبة لدى المصرف المركزي. وقد تدنى مستوى هذا الإحتياطي إلى 600 مليون دولار بنهاية العام 1984, في حين انه كان يربو على الثلاثة مليارات دولار في نهاية العام 1981.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
قديم 27-01-2012, 10:19 PM
  #10
فراس السكري
عضو أساسي
 الصورة الرمزية فراس السكري
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 4,237
شكراً: 6,342
تم شكره 10,276 مرة في 3,461 مشاركة
افتراضي رد: تخفيض قيمة العملة.... العلاج الذي يقتل

* تطور سعر الصرف بين المصرف المركزي وبين القطاع الخاص

لقد سبقت الإشارة إلى أن توزع العملات الصعبة على المستفيدين منها, يتم في لبنان, منذ أواخر الأربعينات, في إطار العمليات التي تجريها المصارف في ما بينها, وإن سعر الدولار, أو سعر الصرف الإسمي لليرة اللبنانية, يتحدّد في إطار هذه العمليات ذاتها, وإطار العمليات التي تجريها المصارف مع زبائنها. كما سبقت الاشارة الى أنه لم يكن للمصرف المركزي تاريخيًا سوى دور محدود, في تحديد هذا السعر.
وابتداء من العام 1986, سيحاول البنك المركزي أن يوقف المنحى التصاعدي لسعر الدولار. وسيكتشف حينئذ, أن الشروط التي تحكم أداء سوق القطع في بيروت, تسهّل إجراء عمليات المضاربة على العملة, وانه الطرف الأضعف في المواجهة مع المتعاملين من القطاع الخاص في هذه السوق.
الشروط التي حكمت تعاطي المصرف المركزي مع سوق القطع
والحقيقة هي ان أداة التدخّل الرئيسية التي كان المصرف المركزي يملكها, لتقرير المستوى الذي ينبغي ان يكون عليه سعر صرف الليرة, كانت تتمثّل بما يتوفر له من عملات صعبة, يمكنه ان يدفع بها الى سوق القطع. كما وان الإطار التشريعي الذي يحكم نشاطه, والذي يجسده قانون النقد والتسليف وقانون السرية المصرفية, هو الذي كان يرسم حدود إمكاناته على هذا المستوى. وكان يرسم حدود هذه القدرة ايضاً, ضعف الرقابة على عمليات المصارف, التي تتولى مهامها لجنة الرقابة على المصارف.
ويبدو قانون النقد والتسليف, وكأنه يعطي المصرف المركزي صلاحيات واسعة لجهة التحكم بالعمليات المصرفية. إلا ان قانون السرية المصرفية, الذي يغلف بالسرية الكاملة الحسابات الدائنة, كان يمنع هذا الاخير من ممارسة أية رقابة على حسابات الزبائن في المؤسسات المصرفية. كما وأن إخضاع قسم الرقابة في المصرف المركزي لإشراف جهاز مستقل عنه, هو لجنة الرقابة على المصارف, كان يجعل هذه الرقابة أكثر تعذرًا.
ولم يكن للمصرف المركزي, في عمله اليومي, أن يعرف لمصلحة من يحصل هذا الطلب على العملات الصعبة أو ذاك. ولم يكن يملك حق طرح الأسئلة عن دوافع الطلب على الدولار. وحتى حين كان يتعرّف الى هوية الأطراف التي تفتعل الطلب على العملات الصعبة, فإنه لم يكن قادرًا على أن يسمّي مضاربين معيّنين, ولا أن يحيلهم أمام القضاء بتهمة المضاربة غير المشروعة. علماً ان حاكم المصرف المركزي, كان ما يفتأ يؤكد وجود “مضاربين ماليين” يمارسون ضغطًا متعمدًا في سوق القطع بهدف تحقيق أرباح ناشئة عن المضاربة, ويعتبر أن بعضهم كان يتحرك “لمصلحة بلدان أجنبية هدفها إضعاف الليرة اللبنانية” (34).
بيد أن القانون لم يكن ينطوي على تعريف للمضاربة غير المشروعة. كما انه يحظر كشف أسماء المؤسسات التي تتعامل في سوق القطع. وكان المصرف المركزي ينتهي بأن يرسل إلى قاضي التحقيق لوائح صادرة عن الحاسوب, تظهر مشتريات ومبيعات هذه أو تلك من المؤسسات المصرفية, من العملات الصعبة, من دون تحديد للإسم, مستبدلاً إياه بأرقام وأحرف. ولم يكن هذا الأمر يؤدي إلى أية نتيجة, لأن غياب نص تشريعي يدين عمليات الشراء غير الاعتيادية, أو غير المبررة بدوافع معقولة, أو يفرض حدودًا معينة لهذه المشتريات, كان يعيق إمكانات التدخل أو الرقابة من قبله في هذا الميدان.
وأمام هذا التقييد لحركة المصرف المركزي في تعاطيه مع سوق القطع, كانت نواقص لجنة الرقابة على المصارف في ممارسة مهماتها, تأتي في المرتبة الثانية من حيث اهميتها النسبية. وقد تبدّت هذه النواقص في نقص عديدها, وفي تعيين فريق غريب لجهة تأهيله وتجربته عن عالم المصارف في بداية عهد الرئيس أمين الجميل, وفي الحظر الذي كانت تواجه به إذا أرادت الدخول إلى بعض المصارف, لممارسة دورها في التدقيق الخارجي في العمليات المصرفية (35).
وسيؤمن الإطار التشريعي الذي سبق ذكره, للمتعاملين من القطاع الخاص في سوق القطع, حرية كاملة لبرمجة وتحقيق أية عملية رفع لسعر الدولار يكون سبق لهم أن قرروها.
__________________
• للرجل العظيم قلبان : قلب يتألم و قلب يتأمل .
فراس السكري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فراس السكري على المشاركة المفيدة:
saeed (30-01-2012)
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تخفيض قيمة الليره السوريه من قبل البنك المركزي السوري يجيز للهيئه رفع القيمه السوقيه للاسهم wael1970 الاسهم السورية 21 22-12-2011 02:20 PM
معايير اعتماد قيمة العملة للدول ؟؟؟ ابو حمادة العملات العالمية forex 12 07-12-2011 10:14 AM
العمادي: بعد تخفيض الأيام نبحث تخفيض ساعات التداول في الجلسة الواحدة the king الاسهم السورية 7 23-08-2011 12:23 PM
تخفيض قيمة السهم إلى 100 ل.س بدلاً من 500 saeed الاسهم السورية 4 05-12-2010 10:44 PM
إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد‎ Sameh المنتدى الإسلامي 3 05-07-2009 02:09 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 03:20 PM.



جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir